نعيش في عالم يتعاقب ليله مع نهاره يلاحقون بعضهم باستمرار .. لا ليل دائم ولا شمس ساطعة ابداً ، مزيج بين هذا وذاك ، قد يطول الليل حتى نظن أن النهار سيختفي ، وقد يطول النهار حتى نظن أن لا ليل فيه ، إنها حال دُنيانا ..
هناك من يعمل باتزان ، يعلم يقينا أن النهار يعقبه ليل مهما طال أو قَصر ، ولكن قد ننسى ، قد ننسى أن كلما طال ليل فالنهار آتٍ لا محالة في هذا.
تتحكم فينا اهوائنا ومصالحنا في أغلب الأحيان ومشاعرنا في بعض الأحيان، ومع مشاعرنا تحديداً تتهوه أفكارنا ، قد نحد عن الطريق الصواب؛ لاذهابه عقلنا لغبلة العاطفة ... نذوب في نقاط ضعفنا عندنا نتجه للعاطفة، تتنحى كل القوانين عرض الحائط و لا ننظر اليها مره أخرى .
قد نتعامل مع مشاعرنا ليست بحب فقط ولكن بكره وبغض .. وفي كلتا الحاليتن نتعامل معهما على أنه ليل سرمدي لا نهار له .. فنكره حتى الافراط فيه كره الأذى للغير و الظلم ، وعندما نحب فنحب حد الاذلال .. تتراكم مشاعرنا حتى تكسوا أعيننا فلا نرى الجانب الآخر للحياة ، لا نرى الحقيقة كاملة ، فقط نصف بمشارعنا والنصف اخر بالبحث عن أنا .
لنتوقف قليلا عند البحث عن أنا فهو أقرب للعبث في حياتك ، وستدور الأيام حتى تعرف بأنك من أجل نفسك تخطيت ما لا يحمد عقباه ، ستنصب نفسك في خانة الأنا وتنسى من هم حولك ، تنسى أن لك أحبابا يحبونك دون مقابل ، تنسى انأن هناك رفاق الدرب كانوا يريدون استكمال مشوارهم معك، ولكن حين انكشف جوهر قلبك تيقنوا ان البعد غنيمة وراحة بال من متطلباتك اللا نهائية التي لا تتخطى حدود نفسك ولا تسترد ، وعندها نقول لك بكل شجاعة ان لآخر الليل نهار سيشق سواد الليل إلى انأن تعتقد أن الليل لن ياتي من شدة بزوخ النهار ..
نعم احزن .. ارحل ... اغضب .. ابحث عن الأنا .. خذ من الاخرين قسطا من الراحة هذا حقك ، فضغوطات الحياة لا تتوقف فهي كامواج البحر تتسابق الى شاطئنا واحده تلو الاخرى .. ففي لطمات الأمواج تكشف الصخور عن معدنها الاصلي أهو تراب أم جوهر نَفيس ... امتحان تلو الآخر قد نفشل في اوله وقد نفشل في ثاني اختبار وفي الثالث و السادس والمئة .. ولكن اجعل في كل اختبار قادم هو سبيل النجاح والنجاة من الأنا .. فلسنا وحدنا ، هناك دائما من حولنا فلا نفقدهم ويتحولوا إلى مجرد ظل ... حتى يتلاشون .. صحح أخطاء الماضي واختبراته واسعى الى المصالحة ممن هم لا ينتظرون منك شيء سوا مرافقة دربك .
و أخيرا لا تنسى بأن الدنيا تتعاقب ولن تتوقف حتى نتركها وعندها تبقى سيرتنا ، سيرتنا التي جاهدنا كثيرا في كتباتها بأفضل الأحرف وأعذب الكلمات ، وكلنا خطائون ، كلنا فينا ما يكفي من الذنوب ، فلكل منا له ما له وعليه ما عليه ... ويبقى الظاهر منك هو الحكم في دنيانا ، حتى تصل الى صاحب العدالة المطلقة في حضرة صاحب الجلالة عندها يختصم الخصوم .